ماذا حدث؟
عُقد في أنقرة أول لقاء مباشر على المستوى الرسمي لمسؤولين رفيعي المستوى من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية في فبراير 2022. حيث استضافت وكالة المخابرات الوطنية التركية في 15 نوفمبر، اجتماعاً بين مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز، ونظيره الروسي سيرغي ناريشكين.
نظرة عن كثب:
يُعد لقاء رئيسي المخابرات الأمريكي والروسي، الأعلى تمثيلاً بين الدولتين منذ الأزمة الأوكرانية، ويأتي بعد أيام من إعلان موسكو الانسحاب من مدينة خيرسون الاستراتيجية، وركز الاجتماع على إدارة المخاطر الاستراتيجية وخاصة المرتبطة باستخدام الأسلحة النووية، أو بزعزعة الاستقرار العالمي دون التطرق للأزمة الأوكرانية، بالإضافة لقضية تبادل السجناء.
يعكس الاجتماع دوراً متنامياً لجهاز المخابرات وللخارجية التركية على الصعيد الدولي، فقد سبق أن استضافت أنقرة محادثات سلام جمعت وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف مع نظيره الأوكراني دميترو كوليبا في مارس الماضي، كما عقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان محادثات مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في مدينة لفيف الأوكرانية. ثُم استضافة تركيا لوفدين روسي وأوكراني إلى جانب دبلوماسيين من الأمم المتحدة ومن تركيا، لبحث استئناف صادرات الحبوب عبر البحر الأسود. نتج عنه توقيع وثيقة "مبادرة الشحن الآمن للحبوب والمواد الغذائية من الموانئ الأوكرانية" في 22 يوليو.
نقطة انعطاف
يتزايد دور تركيا، الدولة العضو في حلف ناتو، دبلوماسياً وأمنياً منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية، بعد أن شهد العقد الماضي تزايد الحديث الغربي عن ميل استراتيجي تركي للشراكة مع روسيا على حساب حلف الناتو، وخلافها مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بشرائها منظومة الدفاع الجوي الروسية S-400.
تبدو تركيا ساعية لتأدية دور الوسيط في الأزمة الأوكرانية، سواء بين روسيا وأوكرانيا من جهة، أو بين الروس والغرب من جهة أخرى، حيث تبرز بوصفها الدولة الأكثر حياداً في الأزمة، في ظل التماهي الكامل بين المواقف الأوروبية والأمريكية، وفقدان الثقة بين الغرب والصين، وفشل إسرائيل في تأدية هذا الدور. بالإضافة إلى وجود سابقة لجهاز الاستخبارات التركي في الإشراف على صفقة لتبادل الأسرى بين الولايات المتحدة وروسيا في أبريل 2022.
لربما؛ أن أنقرة تسعى من خلال تحركاتها لتهيئة الأرضية المناسبة لرعاية محادثات السلام المستقبلية بين الدول الغربية وأوكرانيا مع روسيا، ودلالة ذلك تصريح الرئيس التركي برغبة أنقرة في استضافة لقاءات أمريكية روسية. في خطوة قد تُعزز نفوذ أنقرة الدبلوماسي والأمني والاستخباراتي، كجهة مساهمة في التسويات وعقد الصفقات على المستوى الدولي.