ماذا حدث؟
في 2 يناير 2024، أعلن عن اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري، و6 آخرين من قيادات كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس من بينهم مسؤول العمل العسكري لحركة حماس في جنوب لبنان سمير فندي، ومسؤول الملف العسكري للحركة بالخارج عزام الأقرع، في غارة يعتقد أنها لطائرة بدون طيار إسرائيلية، استهدفت مبنى في الضاحية الجنوبية لبيروت، في نهج يعيد التذكير بعملية "غضب الرب" الذي أطلقها الموساد قبل خمسين عاماً لاغتيال منفذي الهجوم على دورة الألعاب الأولمبية بمدينة ميونخ الألمانية عام 1972، حيث استمرت العملية في تتبع المستهدفين لغاية 1992.
نظرة عن كثب:
منذ 7 أكتوبر، حددت إسرائيل أهدافها من الحرب بالقضاء على حركة حماس، وهددت باغتيال قادة الحركة داخل فلسطين وخارجها، وكان رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) رونين بار، قد توعد في تسجيلات صوتية بثتها هيئة البث العامة (كان)، في 3 ديسمبر 2023، بملاحقة قادة حركة حماس في قطر وتركيا ولبنان. وقد سبق عملية اغتيال العاروري في لبنان، إعلان إسرائيل استهداف عدد من القادة الميدانيين في قطاع غزة، مثل تيسير مباشر، قائد كتيبة منطقة شمالي خان يونس، وأحمد الغندور قائد كتائب القسام في شمال غزة، وأيمن نوفل قائد لواء الوسطى، ومراد أبو مراد قائد التشكيل الجوي، وقادة آخرين، في فترة ما بعد السابع من أكتوبر.
لكن يأتي مقتل العاروري، بمثابة نقطة تحول في عمليات الاغتيال، حيث يعدّ من كبار قادة حركة حماس السياسيين والعسكريين، وقناة رئيسة للتواصل ما بين الحركة وحزب الله اللبناني، وله ارتباطات مباشرة مع زعيم الحركة في قطاع غزة، يحيى السنوار، ويوصف بأنه مهندس استراتيجية "وحدة الساحات"، والقائد الفعلي للحركة في الضفة الغربية.
نقطة انعطاف!
تُشير عملية الاغتيال إلى أنّ إسرائيل دخلت مرحلة جديدة في الحرب على قطاع غزة، عبر تقليل الكثافة النارية، واللجوء إلى العمليات العسكرية المركّزة والنشاطات الاستخباراتية الدقيقة، من خلال استهداف القادة المؤثرين في حركتي حماس والجهاد، والوصول إلى المنشآت العسكرية الحساسة مثل مواقع تخزين وتصنيع الصواريخ، وفي 31 ديسمبر أعلنت إسرائيل البدء في سحب خمسة ألوية من قطاع غزة، إذ ترى القيادة العسكرية أنّ الجيش يتمركز في مفاصل رئيسية من قطاع غزة، خاصة في شماله، وأصبح الجيش في وضع يُمكنه من الامتثال للضغوط الأمريكية الداعية إلى تغيير طبيعة الحرب.
وفي الواقع، فإنّ عملية اغتيال العاروري، ومن قبلها الوصول إلى القائد في الحرس الثوري الإيراني والمستشار العسكري في سوريا، رضي موسوي، حدثان يُشيران إلى تعاظم القدرات الإسرائيلية في عمليات الاختراق الاستخباراتي، وإلى إصرار الجهاز الأمني على التوسّع في عمليات الاغتيال ضد قادة الفصائل الفلسطينية سواء في غزة أو خارجها، وتحديداً أولئك المرتبطين بالتيار الإيراني، خاصة في حالة بقاء ردود الفعل على الاغتيال ضمن الهوامش المتوقعة التي لا تغيّر من قواعد الاشتباك في ساحات المواجهة في قطاع غزة والضفة والغربية ولبنان.
مع ذلك فإنّ هذا التحول يرتبط بتحديات عدة، أولها تواجد قادة الفصائل في عدة دول من العالم، ومحدودية الاختراق الاستخباراتي لحماس في غزة، والتنبؤ بزيادة الهجمات الانتقامية ضد إسرائيل والمصالح الغربية.