مُقدمة
يُشكّل توجّه الأردن نحو تحديث الحياة السياسية، بعد أن دخلت التعديلات الدستورية حيّز النفاذ، تلاها إقرار قانون الأحزاب السياسية مؤخّرًا، وبانتظار الانتهاء من إنجاز قانون الانتخاب في المستقبل القريب، تدرّجًا تراتُبيًا في تسلسل تحقيق هذه القوانين وإصدارها. وهكذا، فإن المرحلة القادمة وفي سياقاتها الدستورية الناظمة للحياة السياسية أصبحت مُكتملة، وبحاجة إلى إنفاذها لتأسيس واقع سياسي أردني جديد، تتحقّق فيه ولو بشكل نسبي الحكومات البرلمانية المنشودة في السنوات القادمة.
وبعيدًا عن الدخول في تفاصيل وأجزاء القانون الجديد للأحزاب السياسية 2022، جاء هذا القانون بتعديلات جديدة أختلفت عما كانت عليه في القوانين السابقة، من حيث تعريف الحزب، والمرتكزات الأساسية لماهية تأسيس الأحزاب، وتنظيم آلية وبرامج عملها، وغيرها من تحديثات وإضافات غير مسبوقة، حيث إنّ القانون بنسخته الجديدة سوف يُسهم بتغيير النظرة السائدة في المجتمع بأنّ وقع الأحزاب وممارسته السياسية غير مرغوبة.
هكذا، وفي التشخيص الراهن للحياة الحزبية الأردنية، وإقرار قانون الأحزاب السياسية الجديد، جاءت هذه الورقة في قراءة لهذا لقانون، تستكسف فيه شكل القانون وجديده، وأهم تاثيراته وتداعياته على الحياة السياسية في الأردن، وانعكاساته على العمل الحزبي الأردني. ولعلّ القضية الماثلة هنا ليست بالقانون وحده، بل تبرز في جدية الأحزاب ومدى فاعليتها وموائمتها للتحولات السياسية الجديدة في البلاد، للعمل الوطني المبني على الدستور، وفي مواكبة تحديث الحياة السياسة القائمة على العديد من الاعتبارات والركائز التي تتكامل لتشكل المشهد السياسي العام.
جديد هذا القانون وتعديلاته
شكّلت المراجعات القانونية الناظمة لعمل الأحزاب وممارساتها منهجًا للعمل السياسي الأردني، وفي جديدها إقرار سلسلة من التعديلات، والإضافات في القانون الجديد للأحزاب السياسية وما له صلة بحصة الأحزاب وفعاليتها في مسودة مشروع قانون الانتخابات، تمثّل بما يلي:
- لعل من أهم التعديلات في مسودة مشروع قانون الانتخاب إقرار قائمة عامة حزبية مُغلقة بـ 41 مقعد نيابي على المستوى الوطني، حيث أنّ هذه القائمة سوف تدخل الأحزاب السياسية في وسط اللعبة السياسية، بهدف تأهيلها لتصبح أكثر فاعلية في تشكيل الحكومات النيابية مستقبلاً.
- وبهدف تعزيز مشاركة الشباب والمرأة اشترط قانون الأحزاب أن لا تقل نسبة مشاركة الشباب والمرأة عن 10% من نسبة المؤسسين ضمن فئة الأعمار 18-35، وأن يكون من بين المؤسسين من الاشخاص ذوي الاعاقة، مع التأكيد على أن يتم زيادة نسبة مشاركة المرأة والشباب لتصل إلى 20% خلال ثلاث سنوات.
- واشترط القانون أيضًا، أن يكون عدد المتقدمين لتأسيس الحزب 300 شخص، وأن يتم استكمال اجراءات التسجيل خلال سنة من تاريخ نفاذ القانون بعدد مؤسسين للحزب لا يقل عن ألف شخص من سكان 6 محافظات على الأقل، وبحيث لا يقل عددهم عن 30 شخصًا من كل محافظة.
- كما أنّ القانون تضمن إضافة جديدة، في إشارته بشكل واضح وصريح أنّه لا يجوز التعرض لأي مواطن، أو المساس بحقوقه بسبب إنتمائه الحزبي، أو التعرّض لأقاربه؛ وفي حال وقوع هذا التعرّض، يجوز اللجوء إلى القضاء والمالية بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي.
- كما أضاف القانون مواد تمنع التعرض للطلبة في الجامعات والمعاهد ومؤسسات التعليم العالي الأعضاء في الحزب، بسبب الانتماء والنشاط الحزبي والسياسي.
- كما أنّ القانون ضمن عدم حل الحزب السياسي إلا بقرار من قضائي وفي حالات محددة، وبذلك تكون الكيانات المؤسسية للأحزاب السياسية محصنة، ولا يجوز المساس بها إلا بقرار من السلطة القضائية.
- وفي تعديلات لافتة للقانون، أجاز مشروع القانون للحزب إقامة علاقات سياسية مع أحزاب أخرى داخلية، وأخرى خارجية أو مع اتحادات تنظيمات وأحزاب سياسية دولية، شريطة الامتثال بأحكام القوانين للدولة، بحيث لا تُشكّل تلك العلاقات خطرًا تنظيميًا بتلك التنظيمات السياسية والاتحادات.
- وأجاز القانون كذلك قبول التبرعات النقدية والعينية والهبات المالية المقدمة للحزب من الأشخاص الأردنيين الطبيعيين والمعنويين، بمثابة نفقات للحزب، وقابلة للتنزيل من الأموال الخاضعة للضريبة العامة للدخل، كما تمّ تخصيص بند في الموازنة العامة للدولة صندوقا لدعم الأحزاب من أموال الخزينة العامة، ضمن نظام خاص يصدر لهذه الغاية.
- ومن ضمن التعديلات الرئيسية التي تضمنها قانون الأحزاب تكمن أيضًا في نقل الاشراف على تسجيل الأحزاب السياسية إلى الهيئة المستقلة للانتخاب، وتعيين مفوض متخصص بمتابعة كافة شؤون الاحزاب السياسية.
الدواعي والحاجة لقانون جديد للأحزاب السياسية
يأتي إقرار مشروع القانون للدور المتوقّع الذي يقتضي أن تؤديه الأحزاب في الحياة السياسية الأردنية، للتعبير عن مواقف واتجاهات الأردنيين، وتحفيزهم في المشاركة، ولما كان العمل الحزبي السياسي لا يتّسم بالآداء والشكل المطلوب في السنوات الماضية، جاء القانون بكل ما يحمله من تحديثات واضافات جديدة، ومن ضمنها دواعي وحاجات اقتضت هذا القانون، يُمكن أن نذكر منها الآتي:
1. شكّلت عملية التحديث والارتقاء بالعمل السياسي، والإجماع الحاضر فيه لدى كافة القوى والفعاليات السياسية والاجتماعية والاقتصادية على حاجة الأردن المُلحّة في إنجازه، وأهمية تطوير مجمل التفاعلات والعلاقات الوطنية والاجتماعية، نظراً لما يتعرض له الأردن وما زال، من تحديات اقتصادية عديدة، وضغوطًا تمارس عليه سياسيًا واقتصاديًا إزاء مواقفه الوطنية من القضية الفلسطينية، وهذا في مُجمله جاء في سياقات غياب الحوارات الوطنية بين أطياف القوى السياسية المختلفة والاجتماعية، والحكومات المتعاقبة، ما ولّد ثغرة، وتراجع في العمل السياسي العام.
2. وفي ظلّ التطورات الحاضرة في المنطقة، أصبحت الحاجة إلى إنجاز مزيد من المشاركة السياسية أمرًا مُهمًا، ويتطلّب تحقيق هذا إجراء التحديث السياسي حيثما لزم، من أجل انتاج جماعات وقوى وطنية فاعلة سياسية واجتماعية لمواجهة التحديات التي تواجه الأردن، وتأسيس مستقبل سياسي أردني تعتاد عليه الأجيال القادمة في الحوار يُدعم السلم والأمن المجتمعي.
3. جاء القانون الجديد في سياق ظاهرة "عزوف المواطنين، خصوصا الشباب والنساء" عن العمل الحزبي السياسي بكل مضامينه، فنظرة الشعب الأردني إلى الأحزاب السياسية بشكل عام لا تزال تشوبها مظاهر من فقدان الثقة بسبب تعلق الذهنية الأردنية بالتجربة التاريخية السلبية للأحزاب، والتي كان سبباً في حظر الأحزاب ومطاردتها قبل عودتها عام 1992، إلى جانب غياب القناعة الشعبية بجدوى العمل الحزبي السياسي كآداة للمشاركة السياسية الفاعلة. لا سيما أنّ نظرة الشارع الأردني وقناعاتها في تشكيل الحكومات وانتخاب البرلمانات في الأردن، تجعل من الأطر التقليدية، بؤرة مركزية وقنوات مضمونة، وأكثر فاعلية من العمل الحزبي والسياسي.
4. ومن ناحية أخرى، برزت الحاجة لقانون جديد للأحزاب السياسية، في توجّه نحو أهمية تعميق النظرة لها كمؤسسات وطنية فاعلة ومسؤولة، وتغيير النمط التقليدي السائد في تفكير الشارع نحوها، وهكذا، تضمّن القانون تعديلات وتحديثات واسعة تُشجّع وتطلق طاقات الشباب، على الانخراط في العمل الحزبي والسياسي العام، والمشاركة السياسية، وتؤهلهم لخوض غمار الانتخابات العامة، والمشاركة الفعالة في بناء مستقبل وطنهم.
5. وهكذا، ومع كل ما ذُكر سابقًا، وإلى جانب عوامل أخرى يصعب حصرها في هذه الورقة، إلا أنّ هذا القانون بكل تعديلاته الجديدة، والقيمة المضافة التي سيقدمها للمجتمع والشارع الأردني، والتي تواكب عملية التحديث السياسي في المملكة، بهدف تغيير النهج القديم، وتقديم الجديد الذي يلمس آثاره الأردنيون في توفير حياة أفضل، ومشاركة واسعة في العملية السياسية، ولعل هذا ما يتطلّع إليه الجميع في تطبيق هذا القانون، ويبقى تداعياته المستقبلية وآثاره مرهونة بجدية المؤسسات الحكومية والمؤسسات الوطنية والحزبية، والأفراد في الاندماج بالعمل السياسي العام.
تداعيات القانون وآثاره على الحياة الحزبية والسياسية الاردنية
يمكن القول إن القانون وبما جاء فيه من مستجدات مُحفّزة على العمل العام، يواجه أصواتًا أخرى كان لها العديد من التحفظات على نصوصه، وفي الإجمال فإنّ أهم تداعيات وآثار هذا القانون على البيئة السياسية الأردنية يُمكن اجمالها بما يلي:
- في القانون الجديد، تم صياغة آلية جديدة في تقديم طلب التأسيس للحزب، حيث أشترط أن يكون عدد مقدمي الطلب خطياً 300 شخص، مع مراعاة الشروط المطلوبة للعضو المؤسس أو للمنتسب إلى الحزب، ممن لا يمكن لهم أن يكونوا من المسؤولين أو العاملين بعدد من الدوائر المحددة بالقانون، بهدف إبعاد هذه القطاعات عن التجاذبات السياسية والبقاء على جانب الحيادية، وكما أشترط التأسيس أيضًا أن يكون وفق نسب تُلبي دمج بعض الفئات العمرية، وقد جاءت هذه التغييرات بهدف أن تُلبي الأحزاب الأدوار الوطنية المطلوبة منها ضمن عمل برامجي، واستقطاب جماهيري على الساحة الأردنية، إلا أنه وعلى الجانب الأخر قوبلت هذه التعديلات باعتراضات من بعض الأحزاب السياسية، تمثلت بوجهين:
1. أنّ القانون تشدّد في مسألة المؤسسين، وعقد المؤتمر التأسيسي وآلية تقديم طلب التأسيس، واشتراط نسبة لحضور النساء والشباب، حيث وصفها بعض الأحزاب وأصحاب الاختصاص بالشأن الحزبي، بأنّها شروط تعجيزية وعدم فهم لطبيعة العمل الحزبي، تمس بأساسيّات جوهرية للأحزاب المرخصة، وخاصة في ظل الطلب من الأحزاب الموجودة تصويب أوضاعها مع القانون ضمن مّدة زمنية مُحدّدة، وإلا فإما حل الحزب، أو اندماجه مع أحزاب أخرى تتوافق معه بالرأي كخيارات مطروحة للأحزاب، ما سوف يؤدي هذا إلى اختفاء أحزاب بسبب عدم قدرتها على تلبية الشروط الواردة في القانون، أو الذهاب قسريًا نحو الاندماج مع أحزاب أخرى، وهذا ينتفي مع خصوصية الحياة الحزبية.
2. كما أن الاستثناءات الواردة في القانون، والتي تختص بإبقاء بعض الرسميين، وتمنعهم من الانتماء إلى الأحزاب هو شرط غير مُبرّر في القانون، حيث أنّ التوسّع فيه، وشمول الفئات التي وردت في القانون، يُقلّل من نسب المشاركة الوطنية التي قامت الأحزاب لأجلها، في سياق أن عمل الأحزاب ليس مُغايرًا لجوهر وطبيعة عمل الدولة، في حين أن إبقاء بعض المؤسسات خارج فكرة الأحزاب كأفراد الجيش وسلك القضاء هو أمر مُحبّب، في الحفاظ على صفة الحياد لهم لطبيعة وحساسية المواقع التي يشغلونها.
- وفي مجال توسيع المشاركة الحزبية وتشجيعها ضمن الجامعات ومؤسسات التعليم العالي ودمج الفئات العمرية والاجتماعية الذي جاء به القانون، وفي الانفكاك من القيود لتشجّع الشباب على العمل السياسي، وإنتاج قيادات وطنية فيها، قابلها اعتراضات حيث اعتبرها البعض مبالغة في نصوص القانون، وذهب فيها بعض أخر إلى الرأي القائل وإن كان هذا أمرًا مُشجعًا للشباب على الاندماج في العمل الحزبي، إلا أنّ الصورة السلبية تجاه عمل الأحزاب في الشارع الأردني لن تتغيّر وستبقى ماثلة، لا سيما أن العزوف عن العمل الحزبي ترافق مع مُشكلات اقتصادية وسياسية، كان الغالب فيها ازدياد نسب البطالة والفقر، وخاصة لدى فئة الشباب.
- وفي تفعيل الدور المؤثر للشباب والنساء في العمل الحزبي والسياسي ضمن فئات عمرية، تفرّد هذا القانون فيها عن غيره من قوانين سابقة، إلا أن البعض قد شكّك بالدور الحقيقي والفاعل للمرأة والشباب داخل الأحزاب، حيث تعتقد بعض الأحزاب، إنّ هذا سوف يُنتج أحزابًا همُها أن تسعى لتحقيق تلك المُحدّدات الموضوعية والشروط، دون سعي حقيقي لتنفيذ المضمون والهدف منها في اختيار القيادات الشابة والكفؤة لممارسة العمل الحزبي.
- وفي نظرة مستقبلية للأحزاب تختلف عن القوانين السابقة، أعطى القانون الجديد مساحة واسعة للأحزاب للعمل المشترك فيما بينها، باختيار استراتيجيات تتوافق مع تنظيمها واستيفاء شروط ترخيصها؛ وذلك من خلال الائتلاف أو التحالف أو الاندماج، لتحقيق غايات مُشتركة، تم تحديدها بشروط تشجّع الأحزاب على المضي بهذا الطريق، مع تخصيص مبالغ مالية للأحزاب في حال اندماجها، علاوة على ذلك، تضمّنت النظرة المستقبلية ومن قراءة واقع العمل الحزبي الحالي في الأردن اليوم، أنّه يوجد حوالي 49 حزبًا و11 أحرى تحت التأسيس، وهكذا، وفي ضوء وجود أعداد كبيرة من الأحزاب على الساحة، وأحزاب أخرى تتشابه فيما بينها إلى حدّ كبير؛ جاء في نصوص القانون ما يحفّز هذه الأحزاب المرخصة أو المدرجة على قائمة التأسيس محاولة بناء أواصر توحّد فيما بينها.
- وفي سياق مُتّصل لما سبق، أجمعت العديد من الأحزاب، أن القانون الحالي سوف يوفّر أرضية مشتركة للأحزاب لكي تنخرط فيما بينها بحوارات ونقاشات كُبرى، تتوافق فيه مع نصوص القانون، وتكون مخرجات هذه الحوارات أحزابًا كبيرة وممثلة لقواعد جماهيرية، تتنافس فيما بينها في الانتخابات النيابية القادمة، بكتل برامجية، وهذا خيار تقرر فيه الأحزاب مسارها، في حين أن الأحزاب التي تفي بشروط التأسيس ولا تحبذ الاندماج أو الائتلاف فيبقى الخيار لها في ذلك، واعتبرت بعض الأحزاب أن هذا التوجه يُضعف من عمل الأحزاب على الساحة، وممارستها للعمل السياسي من خلال فرض أجندة خاصة، وإلا فإن حل الحزب هو الخيار الأخير أمامها.
- وفي نقلة جديدة في آلية عمل الأحزاب، تم نقل سجل واختصاصات الأحزاب إلى الهيئة المستقلة للانتخاب، من وزارة الشوؤن السياسية والبرلمانية، وهو على سبيل التحوّط مستقبلًا في وصول وزراء حزبيين إلى الحكومة، وبهذا أصبحت الجهة الإدارية المناط بها متابعة شؤون وأعمال الأحزاب، ما يحد من تدخلات للمتنفّذين قد تحدث مستقبلًا، ومبدأ الشفافية في التعامل مع الجميع في هذا الإطار.
- وفي مجالات التمكين المالي جاء القانون بتسهيلات تدعم الأحزاب ماليًا، حيث سيصدر بموجب القانون نظامًا خاصا يُحدّد فيه شروط تقديم الدعم المالي للأحزاب ومقداره، وأوجه الصرف الخاصة له، حيث تم تخصيص بند في الموازنة العامة لدعم الأحزاب من أموال الخزينة الخاصة بالدولة.
- تم إقرار القانون بعد مداولات في مجلس النواب لثلاثة أيام متتالية، وهو ما قوبل بنقد شديد من قبل بعض القوى والأحزاب، وحتى من أعضاء في مجلس النواب، بأن القانون لم يُعطى الوقت الكافي للنقاش، إلى جانب انتقادات بعض الأحزاب، وأصحاب الاختصاص من أن نقاشات هذا القانون لم تتوسّع لتشمل حزبيين لديهم خبرات تراكمية واسعة في العمل الحزبي السياسي العام.
الخلاصة
يُعتبر القانون الذي ينظم العملية الحزبية ذو أهمية في تسهيل إجراءات التسجيل وممارسة العمل الحزبي، وإكساب الحزب السياسي الشخصية الاعتبارية التي تُمكّنه من ممارسة مهامه المالية والادارية والفكرية، وتنظيم العلاقات البينية بين كافة المتداخلين، وذي العلاقة بالعملية الحزبية على أسس ومعايير مؤسسية.
والعمل الحزبي في الأردن مر بالعديد من المراحل، ودون الدخول في تفاصيلها إلا أنّ العملية إتّسمت بشكل عام بالتقدم البطيء غير القادر على تشكيل المشهد السياسي برمته، ويمكننا القول إنّ ما تشهده الحياة الحزبية بعد إقرار القانون سيشكل خطوة في الإتجاه الصحيح على ضوء التطور في قانون الأحزاب السياسية ومسودة مشروع قانون الانتخاب، لا سيما أن هذه المنظومة برمتها ينبغي أن ينظر لها نظرة شمولية وتكاملية.
إنّ المطلع على مضمون القانون يجد بأنه يمثل حاله تقدميه في الأُطر التشريعية الناظمة للأحزاب السياسية، إلا أنّ الإطار التشريعي لوحده غير كاف لتطوير العمل الحزبي، وضمان مشاركة فاعلة قائمة على البرامج والقواعد الجماهيرية، فالمسألة تحتاج إلى أحزاب سياسية قوية مؤسسيًا، وتمتاز بالديمقراطية الداخلية والشفافية والنزاهة في آليات عملها.
وفي الواقع، فإن مسودة مشروع قانون الانتخاب الذي يُخصّص مقاعد للقائمة الحزبية، والمتوقّع أن يناقشه مجلس النواب قريبًا، يُعتبر دافعًا حقيقيًا ومحفّزًا لعمل الأحزاب في سياق تفاعلها للظفر بتلك المقاعد، وتشكيل أغلبية برلمانية.
وهكذا، فإنّ الآفاق المستقبلية للعمل الحزبي القادم، تحوي مُؤشّراتً يبدو فيها تحوّلًا سياسيًا لافتًا للأحزاب، وهذا ما يقدّمه مسودة مشروع قانون الانتخاب الذي يمنح الأحزاب على التوالي نسبة الثلث في الانتخابات للمجلس القادم، ثمّ النصف في الانتخابات التي تليها، وفي الانتخابات الثالثة تبلغ حصة الأحزاب ما نسبنه 65%، ما عدا نسبة الكوتات، ما يُدلّل على أن شكل البرلمانات القادمة سوف يختار فيها الشارع الأردني الأعضاء فيه من خلال الصوت الحزبي، وهذا يلقي مسؤولية وطنية على الأحزاب بأن تمارس دورها في الحياة السياسية، ضمن العمل البرلماني الذي يحتاج إلى تنامي تعدّدية حزبية قوية، حيث أن الحكومات القادمة تشكلها الأحزاب الفائزة، سواء كان حزبًا بمفرده، أو ائتلافا حزبيًا.
ابقى على تواصل
تحليلات متعمقة يتم تسليمها أسبوعيا.
تحاليل ذات صلة: