هذه الورقة جزء من سلسلة: الإسلام السياسي تحت المجهر
رواد النهضة وسؤال المستقبل
بزغت شمس الدعوة إلى الإصلاح والتجديد في العالم الإسلامي مع رواد النهضة، بدءاً من الطهطاوي (1801-1873م)، وجمال الدين الأفغاني (1838 – 1897م)، والكواكبي (1854 -1902 م)، ومحمد عبده (1849-1905م) وغيرهم.
ومن الأسباب الأساسية التي سرعت في الدعوة الى الإصلاح هو ذلك التلاقي الفريد من نوعه؛ بين أوروبا من جهة والعالم الإسلامي من جهة ثانية، بفعل الحملة الفرنسية على مصر (1798– 1801) التي شكلت نقطة التقاء بين حضارتين كانت كل واحدة منهما لا تدري طبيعة التحولات التي طرأت على الأخرى.
من جهة كان العالم الإسلامي حينها يفترض في نفسه بأنه لازال يمتلك زمام المبادرة في التحكم في ميادين القوى وينظر إلى أوروبا بأنها تقبع في بؤر التخلف والتفكك والبعد عن المدنية كما عهدها من قبل. ومن الجهة الأخرى، عرفت أوروبا تحولات كبيرة منذ القرن السادس عشر، لكنها لم تع بشكل كامل طبيعة الحالة التي عليها العالم الإسلامي بفعل الصورة النمطية التي كانت سائدة حول الإمبراطورية الإسلامية القوية. وقد شكلت حملة نابليون على مصر نقطة اكتشاف وتحول كبير في نظرة كلا الطرفين إلى بعضهما البعض، نظرة يغلب عليها ما هو واقعي بدل ما هو ذهني ومتخيل. وكانت المواجهة بين البندقية والسيف، بالأساس مواجهة بين حضارة ناهضة، وحضارة آفلة[1].
ومن أهم ما نبهت له هذه الحملة الفرنسية هي الحقيقة التي أخفتها العزلة الإسلامية عن العالم لحقبة طويلة، وتجلياتها في تأخر العرب والمسلمين المزدوج، عن "ماضيهم الحضاري المرجعي وعن عصرهم ومدنيته الجديدة"[2]، وظهرت في تساؤلات رواد النهضة حول أسباب تقدم الغرب وتأخر العرب والمسلمون؟ وكيف يمكن اللحاق بالركب الحضاري؟
وبطبيعة الحال؛ تعددت مقاربات وإجابات رواد النهضة، إلا أنها تمحورت في دائرة الدعوة إلى الإصلاح الديني والثقافي لغايات التعاطي مع مقتضيات العصر ومع المدنية الحديثة؛ ويُعد رفاعة الطهطاوي من الأوائل في ضفة العالم الإسلامي الذي طور وعياً بالمدنية الغربية وضرورة الاستفادة منها، ولا يقل جمال الدين الأفغاني أهمية عن الطهطاوي على مستوى الوعي المنهجي والمعرفي بضرورة الإصلاح الديني والسياسي التي يستوجب على العالم الإسلامي أن يخوضها آنذاك إن أراد أن يحافظ على مكانته ودوره الحضاري بين الأمم، والأمر نفسه مع رجالات الإصلاح الآخرين، فلا أحد منهم استعدى المدنية الغربية؛ أو كان له موقف الرفض اتجاهها.
الخطاب الديني: والتحول من الحضاري إلى السياسي
شكل سقوط "الخلافة" العثمانية عام 1924 على يد مصطفى كمال أتاتورك، حدثاً سياسياً بارزاً، ونقطة فصل وتحول في تاريخ الفكر السياسي الإسلامي، لكون الخلافة في هذا الأخير ذات طابع رمزي تجتمع حولها دول العالم الإسلامي، التي عانت حينذاك من كل أشكال الضعف والتفكك، نتيجة ضعف الدولة العثمانية، وحيث جاء مصطفى كمال بـ أيديولوجية مخالفة لما كانت عليه الخلافة الإسلامية، مستبدلاً النظم الإسلامية في الحكم وجميع مناحي الحياة بالنظم الغربية الأوروبية، وكان ذلك انطلاقاً من مبادئه وثقافته التي نشأ عليها، فضلاً على تمركزه حول العرق التركي والثقافة التركية وفصل تركيا عن العالم الإسلامي.
شكل هذا الحدث فراغاً على المستوى السياسي والنفسي؛ وجعل جزءا من العالم الإسلامي يبحث عن كينونته في الماضي بدل أن يتجه بنائها وتشكيلها في اتجاه ما هو مستقبلي بتفاعله مع ماضيه وحاضره. وساهم في تقديم القول "بأن جل مشاكل العالم الإسلامي تكمن فيما هو سياسي بدرجة أولى"، ومن هنا ظهر تساؤل رئيسي يتمركز في كيفية تدشين فكرة سياسية جامعة تؤكد جدارة الإسلام السياسية[3].
بعد سقوط الخلافة بأربع سنوات ظهر التنظيم الإسلامي لحركة الإخوان المسلمين عام 1928، والذي طبع نفسه بصبغة عالمية، إذ انتشرت أفكاره وأطروحاته في جل بقاع العالم الإسلامي على شكل تنظيمات بتسميات متعددة يشملها نعت الحركة الإسلامية، وقد كان لهذه الحركة هدفاً وحيداً باسترجاع نموذج الخلافة الإسلامية؛[4] ومما زاد في تقوية هذا الشعور هو طبيعة الضعف والتفكك السياسي الذي كان عليه العالم الإسلامي حينها مع ازدياد أطماع الدول الغربية في المنطقة، وقد جسدت اتفاقية سايكس-بيكو التي وُقِّعَتْ في العام 1916 طبيعة تلك الأطماع في تقاسم ممتلكات الإمبراطورية العثمانية.
وهنا برز دور الإسلام السياسي، الأساسي في الابتعاد عن روح فكرة الإصلاح وعن تطلعات رواد النهضة؛ باختزال مشكلة العالم الإسلامي في الجانب السياسي المتمثلة بسقوط الخلافة، دون بذل أي جهد معرفي أو فكري حول الأسباب والدواعي الحضارية التي أدت إلى ذلك السقوط؛ وهذا سؤال حتى يومنا هذا لا يستسيغه الإسلام السياسي.
وهناك عامل أساسي آخر ساهم بشكل كبير في تسطيح فكرة الإصلاح ارتبط بتنامي الأصولية المتشددة، التي لا تولي أيّ اهتمام في استحضار المقاصد والغايات في فهم النص الديني وفهم الواقع وأحوال الناس، والأخطر من ذلك أن انتشار الخطاب المتشدد في كل بقاع العالم الإسلامي قد ساهم في نشر ثقافة الاستخفاف من الفلسفة وغيرها من العلوم الإنسانية، وساهم في نشر ثقافة التشدد والأحادية في الرأي؛ حيث تحولت مؤلفات السيد قطب وغيره، إلى خطابات أيديولوجية عززت العزلة والاغتراب عن العصر، وانتشار الفهم الأحادي للدين وللتاريخ الإسلامي ومجرباته، وقد عاش الكثير من الشباب في التصاق بالماضي، طمعاً في استرجاع أمجاد القرن السابع الميلادي. بهدف خلق جيل فريد مماثل للرعيل الأول من فجر الإسلام، دون مراعاة طبيعة الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي نحن عليها اليوم.
والحقيقة أن المتتبع لبؤرة التشدد في العالم الإسلامي في العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين؛ سيتضح له طبيعة التكتل بين الإسلام السياسي وبين الأصولية المتشددة وغيرها، بالرغم من اختلافهما في كثير من المنطلقات؛ فطبيعة التصورات التي بسطها هذا التكتل مفصولة عن العقل والعقلانية، سواء هي عقلانية أصيلة في الموروث الثقافي الإسلامي كفكر ابن سينا وابن رشد وابن خلدون وغيرهم، أو عقلانية معاصرة تستفيد من عطاء الفلسفة والفكر الغربي المعاصر.
الإسلام السياسي وسؤال الماضي
اختزلت تجربة الإسلام السياسي؛ مشكلة العالم الإسلامي في مشكلة سياسية وهي سقوط "الخلافة"، والتي لا يمكن بحال من الأحوال حلها إلا من خلال ما يتصوره الإسلام السياسي كما تقدم، ومن هذا المنطلق نظر الإسلاميين إلى كل تجارب الحكم نظرة الاستعداء، ووقفوا ضدها في كثير من الأقطار، لأنها في منظورهم لا تقوم على مطلب استرجاع الخلافة وتطبيق شرع الله، وأبدو نوعاً من التعاطف والتأييد مع الدولة الدينية في إيران وطالبان في أفغانستان.
وفي هذا السياق؛ رفع الإسلاميين مقولة الحاكمية، الذي يعد أبو الأعلى المودودي أول من قال "بنظرية الحاكمية الإلهية"[5]، وجعل منها قاعدة للتغير ولبناء مجتمع إسلامي في العصر الحديث. ففي نظره "أن الحاكمية في الإسلام خالصة لله وحده فالقرآن يشرح عقيدة التوحيد شرحا يبين أن الله وحده لا شريك له، ليس بالمعنى الديني فحسب، بل بالمعنى السياسي والقانوني كذلك ... إن وجهة نظر العقيدة الإسلامية تقول: إن الحق تعالى وحده هو الحاكم بذاته وأصله، وإن حكم سواه موهوب وممنوح "[6]، وقد التقط سيد قطب فكرة الحاكمية الإلهية من أبو الأعلى المودودي واعتمدها كإطار مرجعي لجزء كبير من أفكاره.
أما على المستوى الثقافي والاجتماعي وغيره فقد أختزل الإسلاميين كل مشكلات العالم الإسلامي؛ في سؤال الهوية، وجعلوا من أنفسهم حماة الشريعة، حيث الغرب في نظرهم هدفه أن يفسد الإسلام على أهله، وبذلك فإن جل الأفكار التي تستفاد منه على المستوى المعرفي ما هي إلا وجه من وجوه الغزو الفكري، وعلى المسلمين التمسك بعقائدهم -بالأحرى بتقاليدهم- وبهذا الفهم لم يعد السؤال كيف نتقدم؟ كما كانت تطلعات رجال الإصلاح سابقاً؛ وصار كيف نصون هويتنا؟[7].
وتبعاً لهذا الفهم انحدر النقاش بين فئات كثيرة من المجتمع إلى نقاش فقهي ضيق، يدور في دائرة تصحيح عقيدة الفرد والجماعة، وفي طبيعة أية عقيدة من العقائد تتصف بالصحة، وما هي الفرق الإسلامية التي كانت على حق في موضوع العقيدة والاعتقاد. وبذلك كان للإسلاميين دور أساسي بطريقة شعبوية في خوض معارك داخل مصر وخارجها ضد الكثير من أصوات الرأي والنظر من قبيل ما حدث مع: طه حسين؛ أحمد خلف الله؛ فرج فودة؛ نصر حامد أبو زيد. وقد ساهمت تصورات الإسلاميين في خلق نوع من الاحتقان والهوس باسم الدين بين فئات واسعة في المجتمع.
أما نظرة الإسلاميين إلى التراث الإسلامي؛ فهي نظرة اختزالية، إذا استرجعوا من التراث ما يخدم نظرتهم الفقهية الضيقة من قبيل: ابن تيمية في ثوبه المتشدد وأعرضوا عن صورة ابن تيمية رجل المنطق؛ واسترجعوا أبي حامد الغزالي في ثوب الواعظ وأعرضوا عن الغزالي رجل الجدل والنظر.
وهكذا؛ لا حديث عندهم عن الفلسفة الإسلامية وعن العقلانية والعلم في الحضارة الإسلامية، وكل شيء ينبغي أن يكون على مقاس ضيق وهو مقاس التنظيم. الذي يرى في نفسه بأنه على نهج الإسلام القويم؛ والنتيجة أن الإسلاميين تحولوا إلى جدار حديدي لا يسمح بأي محاولة تجديد وإصلاح.
وبالرغم من تبنيهم خطاباً يعِد بالتجديد؛ إلا أن مساعيهم لتطبيقه غير جادة ولم تأت بجديد؛ لأنها تنظر إلى الحاضر بمنظور الماضي، مما جعلهم يأخذون موقفا سلبياً من كل الفنون والآداب. فمثلا؛ إن نظرنا إلى تصورات الإسلاميين للفكر السياسي فإنهم لم يأتوا بجديد يميزهم عن غيرهم في النظرية السياسية على الإطلاق، ذلك أنهم وبالرغم من اهتمامهم بالسياسة منفصلين بالكامل عن المعرفة السياسية كما هي عند الأقدمون، ومنفصلين في الوقت ذاته عن الفكر السياسي المعاصر، مما جعل كل جهودهم تنصب في دائرة الاحتجاج وردود الأفعال.
على سبيل المثال؛ عندما وقعت هجمات 11 سبتمبر عام 2001، لم يكن الإسلاميين من السباقين في استنكارها، بيد أنهم كانوا من السباقين لتهنئة طالبان في استرجاع حكم أفغانستان. وما ذلك إلا جزء من الخلفية المعرفية التي تؤطر تصوراتهم للماضي والحاضر أو الذات والآخر.
وعليه؛ لا يمكن بوجه من الوجوه أن يكون استعداء الغرب والنظرة السلبية للحداثة بكونها منتج غربي صرف، حلا لمشكلات العالم الإسلامي. حتى في ضوء ما تعاني منه الحداثة من مشاكل ومنزلقات أخلاقية خطيرة؛ كانت من وراء انتشار الحروب المدمرة، والسباق نحو التسلح، والتلوث البيئي، والمجاعات، وتفكيك الأسرة، واتساع دائرة استغلال دول الجنوب لصالح دول الشمال، والكثير من المعضلات التي تسببت بها المركزية الغربية عبر العالم؛ لا يعني ذلك أن الحداثة شر مطلق ينبغي رفضها بالكامل، بل يبرز منه التحدي الدائر في خانة نقد الحداثة والعمل على ترشيدها، والانخراط في التفكير الحضاري، والمساهمة في الحوار العالمي في ما يخص مستقبل الإنسانية والمشترك الإنساني، وهذا أمر لا يتأتى إلا بتبني آليات المعرفة المعاصرة في مختلف ميادين المعرفة الإنسانية والكونية، والتبني هنا ينبغي أن يكون واعيا وذو طبيعة نقدية وتحليلية مع مراعاة الخصوصيات الأخلاقية والحضارية للعقل المسلم.
لكن ومع الأسف النظرة الاختزالية والسطحية لدى الإسلاميين جعلتهم يتلقفون كل الكتابات التي تنتقد الحداثة؛ ويخرجونها من دائرة النقد المعرفي للحداثة؛ إلى دائرة الموقف السلبي من الحداثة؛ الذي يفضي إلى الرفض أحيانا.
ما الذي تغير عند الإسلاميين بعد تجربة السلطة في مجموعة من البلدان؟
لا شك أن ما يعرف بـ "الربيع العربي" حدث مفاجئ؛ تعامل معه الإسلاميين بنوع من الانتهازية، وكانت النتيجة قطف ثمرته في تونس ومصر والمغرب، ومن تبعاته الانحدار اتجاه العنف في ليبيا وسوريا. وصعود تنظيم داعش؛[8] التي أعلنت عن "الخلافة" (2014 – 2017) في العراق والشام.
وقد كان فرصة لعودة فكرة الخلافة الإسلامية؛ بشكل غير مباشر مع الإسلاميين الذين وصلوا الى السلطة بصناديق الاقتراع؛ إذ جابهوا سؤالاً رئيسياً من المجتمع مفاده؛ هل أنتم مع الدولة الدينية أو المدنية؟
وفي الوقت الذي اتجه إسلاميو مصر للاقتراب من إيران؛ وعدم الفصل الواضح بين المصالح العليا للدولة؛ وبين تصورات أجهزتهم الحزبية؛ حاول الإسلاميون في تونس والمغرب التأقلم مع الوضع العام الإقليمي والدولي؛ والفصل الواضح بين مصالح الدولة وتصورات أجهزتهم الحزبية؛ لكن دون إحداث تغيرات جذرية على خطهم الأيديولوجي.
وفي الواقع؛ كشفت تجربة الإسلاميين في السلطة لعموم المواطنين، بأنهم لا يملكون حلولا واقعية؛ وبأن دعواهم "الأخلاقوية" (أي الأخلاق المصنعة خارج المنظومة القيمية، بناءً على الأفكار والثقافات المرتبطة بجماعة معينة)، وليس الأخلاقية من قبيل الإسلام هو الحل، لا يمكن تطبيقها على الواقع بالشكل الذي يتصورون.
ومن جهة أخرى؛ اتضح بأن الأحزاب الإسلامية لا تختلف عن غيرها في تدبير الشأن العام إلا من حيث الشكل، فضلا على أن الايدلوجية الإسلامية تفضي إلى انقسام الشعوب فيما بينها، كما حدث مع الشعب السوداني، الذي كان من نتائج حكم الإسلاميين أن انقسم شعب السودان إلى دولتين جنوبية وشمالية، وهذا ما جعل المواطنين يتخلون عنهم، لأنهم لم يروا في تجربتهم بديلاً حقيقياً لحل مشاكلهم اليومية.
لا شك بأن الإسلاميين استنفدوا كل طاقتهم بعد تجربة السلطة؛ فهم مازالوا لحد الساعة أوفياء لخطابهم الإيديولوجي التقليدي، فضلاً على استمرار نفس القيادات والوجوه، وهذا يؤكد ضعف البدائل الفكرية والتصورية لديهم في فهم الواقع واللحظة الراهنة، ومن الراجح أن السياقات التي يفكرون من خلالها عاجزة على بلورة تصورات جديدة مفارقة لما هم عليه، الأمر الذي يجعل الزمن والمجتمع يتجاوزهم. نقول هذا ونحن على وعي بأن الإسلام السياسي قد مر بالكثير من المراجعات الفكرية والتصورية منذ نشأته؛ وبأنه الآن متنوع ومتعدد وليس صنفاً واحداً، لكن بشكل مجمل لم يحدث قطيعة معرفية مع منطلقاته القديمة.
المراجع:
[1] أنظر: أحمد محمد سالم، الخطاب الإصلاحي عند رفاعة الطهطاوي، مقالة في مجلة التسامح العدد 10
[2] عبد الإله بلقزيز، من النهضة إلى الحداثة، مركز دراسات الوحدة العربية، ط1، 2009، ص. 39
[3] أنظر: مجلة التسامح، العدد 25 ، مقالة بعنوان: الفقه السياسي الإسلامي المعاصر: اتِّجاهاته قضاياه مشكلاته، لحسان عبد الله
[4] يقول الإمام ا حسن البنا (1906 - 1949م) مؤسس جماعة الإخوان المسلمين في رسالة المؤتمر الخامس (1938م) "إن الإخوان يعتقدون أن الخلافة رمز الوحدة الإسلامية ومظهر الارتباط بين أمم الإسلام، وأنها شعيرة إسلامية يجب على المسلمين التفكير في أمرها والاهتمام بشأنها، والخليفة مناط كثير من الأحكام في دين الله... و لهذا يجعل الإخوان المسلمون لهذا يجعلون فكرة الخلافة والعمل لإعادتها في رأس مناهجهم وهم مع هذا يعتقدون أن ذلك يحتاج إلى كثير من التمهيدات التي لابد منها، وأن الخطوة المباشرة لإعادة الخلافة لابد وأن تسبقها خطوات " حسن البنا، مجموعة رسائل الإمام الشهيد، الإسكندرية، دار الدعوة، 1992م، ص 144. "وقد طرح الإمام حسن البنا في منهجه التربوي السياسي خمسة مراحل، يمكن الوصول بعدها إلى الخلافة الإسلامية، تبدأ بتكوين الفرد المسلم، ثم البيت المسلم ثم الشعب المسلم فالحكومة المسلمة، ثم الخلافة الإسلامية الكبرى التي تجمع ما مزقه الاستعمار. " حسن البنا، (رسالة إلى الشباب) المرجع السابق، ص177."
[5] أنظر بهذا الصدد الدراسة التي قدمها الدكتور محمد عمارة، تحت عنوان: "نظرية الحاكمية الإلهية في فكر أبو الأعلى المودودي" إلى ندوة إشكالية الفكر الإسلامي المعاصر، التي نظمها مركز دراسات العالم الإسلامي، طرابلس الغرب، أبريل 1991م.
[6] أبو الأعلى المودودي، الحكومة الإسلامية، ص.116، 81 ،82 ترجمة أحمد إدريس، طبعة القاهرة، 1977م، نقلا عن محمد عمارة، نظرية الحاكمية الإلهية في فكر أبو الأعلى المودودي، دراسة قدمت إلى ندوة إشكالية الفكر الإسلامي المعاصر، التي نظمها مركز دراسات العالم الإسلامي، طرابلس الغرب، أبريل 1991م.
[7] رضوان سيد؛ التراث العربي في الحاضر: النشر والقراءة والصراع؛ هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة؛ دار الكتب الوطنية، ط.1؛2014م؛ ص.21
[8] خرجت داعش من بطن القاعدة، ووضعت لنفسها أهدافاً بدل أهداف القاعدة، وهذه الأخيرة، أي القاعدة تشكلت على أرض أفغانستان في عقد الثمانينيات من القرن العشرين تحت مسمى الجهاد الأفغاني، المدعوم من قوى المعسكر الغربي بزعامة أمريكا ضد الاحتلال السوفييتي سابقاً لأفغانستان، وقد تم استقدام جنسيات متعددة من العرب المسلمين من أجل هذه المهمة، وتحولت أفغانستان طول عقد الثمانينيات إلى حلبة للاحتفاء بالموت بدل الحياة، وقد انتهت الحرب بانسحاب الاتحاد السوفييتي سابقاً من أفغانستان سنة 1989م، دخلت بعدها الفصائل الأفغانية في حروب أهلية، فالعناصر القيادية للقاعدة مثل أسامة بن لادن (جنسية سعودية) وأيمن الظواهري (جنسية مصرية)، أدوا دوراً أساسياً في الحرب ضد الاتحاد السوفييتي في أفغانستان، والذي ينبغي أن ننبه إليه هنا أن التنظيمات الأصولية المتطرفة استثمرت الجرح التاريخي للعالم الإسلامي، وهو جرح يتصل بالتدخل والاحتلال الأجنبي.ومن بين ما يثير القلق اليوم كون "داعش" عملت ما بين (2014م -2017م) على نشر تصوراتها المتطرفة، من خلال نظامها التعليمي الذي كان يضم الأطفال والشباب فضلاً على اعتمادها التعبئة والتواصل عبر شبكة الإنترنت، ما يجعل جهود مكافحة الأصولية والتطرف أكثر صعوبة.
*تُعبر هذه الدراسة عن وجهة نظر كاتبها، ولا يتحمل مركز ستراتيجيكس أي مسؤولية ناتجة عن موقف أو رأي كاتبها بشأن القضايا الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخرى، ولا تعكس بالضرورة موقف و/أو وجهة نظر المركز.
ابقى على تواصل
تحليلات متعمقة يتم تسليمها أسبوعيا.
تحاليل ذات صلة: